الفلك فيه حاملة ما لا يحمله غيرها، وهو معنى قوله: ﴿الجوار﴾ أي من السفن، وهي من الصفات التي جرت مجرى الأعلام، ودل على الموصوف ما بعده فلذلك حذف لأن القاعدة أن الصفة إذا لم تخص الموصوف امتنع حذفه فنقول: مررت بمهندس، ولا تقول: مررت بماشٍ - إلا بقرينة كما هنا.
ولما كانت ثقيلة في أنفسها، وكان يوضع فيها من الأحمال ما يثقل الجبال، وكان كل ثقيل ليس له من ذاته إلا الغوص في الماء، كانت كأنها فيه لا عليه لأنها جديرة بالغرق فقال تعالى محذراً من سطواته متعرفاً بجليل نعمته معرفاً بحقيقة الجواري: ﴿في البحر كالأعلام *﴾ أي الجبال الشاهقة بما لها من العلو في نفسها عن الماء ثم بما يوصلها وما فيه من الشراع عليها من الارتفاع، وقال الخليل: كل شيء مرتفع عند العرب فهو علم.
ولما كان كأنه قيل: وما تلك الآيات؟ ذكر ما يخوفهم منها ويعرفهم أن جميع ما أباحهم إياه من شؤونها إنما هو بقدرته واختياره


الصفحة التالية
Icon