قال أبو حيان: من كسر وغمز ونظر يفهم منه ما يراد - انتهى.
وذلك يفعل بفعل ما يخالف الظاهر، ولما ذكر أخفى أفعال الظاهر، أتبعه أخفى ما في الباطن فقال: ﴿وما تخفي الصدور *﴾ أي عن المشفوع عنده وغير ذلك.
ولما كان العفو عن الظالم الذي لا يرجع عن ظلمه نقصاً، لكونه لا حكمة فيه، عبر بالاسم الأعظم في جملة حالية فقال: ﴿والله﴾ أي والحال أن المتصف بجميع صفات الكمال ﴿يقضي بالحق﴾ أي الثابت الذي لا يصح أصلاً نفيه، فلو قضى فيمن يعلم أنه ليس بأهل للشفاعة فيه بقبول الشفاعة لنفى الحق وأثبت الباطل فخالف ذلك الكمال ﴿والذين يدعون﴾ أي الظالمون - على قراءة الجماعة، وأيها الظالمون - على قراءة نافع وابن عامر بخلاف عن ابن ذكوان بالخطاب للمواجهة بالإزراء. ولما كانت المراتب دون عظمته سبحانه لا تنحصر ولا يحتوي عليها كلها شيء، أثبت الجار فقال: ﴿من دونه﴾ أي سواه، ومن المعلوم أنهم خلقه فهم دون رتبته لأنهم في قهره ﴿لا يقضون بشيء﴾ من الأشياء أصلاً، فضلاً عن أن يقضوا بما يعارض حكمه، فلا مانع له من القضاء بالحق، فلا مقتضى لقبول الشفاعة فيمن يعلم عراقته في


الصفحة التالية
Icon