التحقق دلالة على أنه لا به منه توطيناً للنفس عليه معلقاً بفعل الغفر: ﴿وإذا﴾ وأكد بقوله: ﴿ما﴾ وقدم الغضب إشارة إلى الاهتمام بإطفاء جمره وتبريد حره فقال: ﴿غضبوا﴾ أي غضباً هو على حقيقته من أمر مغضب في العادة، وبين بضمير الفصل أن بواطنهم في غفرهم كظواهرهم فقال: ﴿هم يغفرون﴾ أي الإحصاء والإخفاء بأنهم كلما تجدد لهم غضب جددوا غفراً أي محواً للذنب عيناً وأثراً مع القدرة على الانتقام فسجاياهم تقتضي الصفح دون الانتقام ما لم يكن من الظالم بغي لأنه لا يؤاخذ على مجرد الغضب إلا متكبر، والكبر لا يصلح لغير الإله وذلك لأنه لا يغيب أحلامهم عند اشتداد الأمر ما يغيب أحلام غيرهم من طيش الجهل وسفاهة الرأي، فدل ذلك على أن الغفر دون غضب لا يعد بالنسبة إلى الغفر معه، وفي الصحيح أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما انتقم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمات الله، وروى ابن أبي حاتم عن إبراهيم قال: كان المؤمنون يكرهون أن يستذلوا وكانوا


الصفحة التالية
Icon