فإن الله خاذلهم فقال: ﴿الذين يظلمون الناس﴾ أي يوقعون بهم ظلمهم تعمداً عدواناً ﴿ويبغون﴾ أي يتجاوزن الحدود ﴿في الأرض﴾ بما يفسدها بعد إصلاحها بتهيئتها للصلاح طبعاً وفعلاً وعلماً وعملاً. ولما كان الفعل قد يكون بغياً وإن كان مصحوباً بحق كالانتصار المقترن بالتعدي فيه قال: ﴿بغير الحق﴾ أي الكامل ولما أثبت عليهم بهذا الكلام السبيل، كان السامع جديراً بأن يسأل عنه فقال: ﴿أولئك﴾ أي البغضاء البعداء من الله ﴿لهم عذاب أليم *﴾ أي مؤلم بما آلموا من ظلموه من عباد الله بحيث يعم إيلامه أبدانهم وأرواحهم بما لها من المشاعر الظاهرة والباطنة.
ولما أفهم سياق هذا الكلام وترتيبه هكذا أن التقدير: فلمن صبر عن الانتصار أحسن حالاً ممن انتصر، لأن الخطأ في العفو أولى من الخطأ في الانتقام، عطف عليه مؤكداً لما أفهمه السياق أيضاً من مدح المنتصر: ﴿ولمن صبر﴾ عن الانتصار من غير انتقام ولا شكوى


الصفحة التالية
Icon