أمره في الهداية بالبيان لما أخفاه الله عنه أو التوفيق لما بينه له ﴿من بعده﴾ أي من بعد معاملة الله له معاملة البعيد من وكله إلى نفسه وغيره من الخلق في شيء من زمان البعد ولو قل.
ولما كان مبنى أمر الضال على الندم ولو بعد حين، قال عاطفاً على نحو: فترى الظالمين قبل رؤية العذاب في غاية الجبروت والبطر والتكذيب بالقدرة عليهم، فهم لذلك لا يرجون حساباً ولا يخافون عقاباً: ﴿وترى﴾ وقال: ﴿الظالمين﴾ موضع «وتراهم» لبيان أن الضال لا يضع شيئاً في موضعه، ولما كان عذابهم حتماً، عبر عنه بالماضي فقال: ﴿لما رأوا العذاب﴾ أي المعلوم مصير الظالم إليه رؤية محيطة بظاهره وباطنه يتمنون الرجعة إلى الدنيا لتدارك ما فات من الطاعات الموجبة للنجاة ﴿يقولون﴾ أي مكررين مما اعتراهم من الدهش وغلب على قلوبهم من الوجل: ﴿هل إلى مرد﴾ أي رد إلى دار العمل وزمانه مخلص من هذا العذاب ﴿من سبيل﴾.
ولما أثبت رؤيتهم العذاب، أثبت دنوهم من محله وبين حالهم في ذلك الدنو فقال: ﴿وتراهم﴾ أي يا أكمل الخلق ويا أيها المتشوف


الصفحة التالية
Icon