فما فوقها فتخضع له جبابرة ألبابكم وتسجد له جباه عقولكم، وتذل لعزته شوامخ أفكاركم، فتبادرون إلى تقبله وتسارعون إلى حفظه وتحمله علماً منكم بأنه فخر لكم لا يقاربه فخر، وعز لا يدانيه عز، ثم يتأمل الإنسان منكم من خالفه فيه من بعيد أو قريب ولد أو والد إلى أن تدين له الخلائق، وتتصاغر لعظمته الجبال الشواهق، والآية ناظرة إلى آية فصلت
﴿ولو جعلناه قرآناً أعجمياً لقالوا﴾ الآية [فصلت: ٤٤].
ولما كانوا ينكرون تعظيمه عناداً وإن كانوا يقرون بذلك في بعض الأوقات، قال مؤكداً لذلك وتنبيهاً على أنه أهل لأن يقسم به، ويزاد في تعظيمه لأنه لا كلام يشبه، بل ولا يدانيه بوجه: ﴿وإنه﴾ أي القرآن، وقدم الظرفين على الخبر المقترن باللام اهتماماً بهما ليفيد بادئ بدء أن علوه وحكمته ثابتة في الأم وأن الأم في غاية الغرابة عنده ﴿في أم الكتاب﴾ أي كائناً في أصل كل كتاب سماوي، وهو اللوح المحفوظ، وزاد في شرفه بالتعبير بلدى التي هي لخاص الخاص وأغرب المستغرب ونون العظمة فقال