ولما أفهم تكرير هذا التأكيد أنهم يطعنون في علاه، ويقدحون في بديع حلاه، فعل من يكرهه ويأباه، إرادة للإقامة على ما لا يحبه الله ولا يرضاه، قال منكراً عليهم: ﴿أفنضرب﴾ أي نهملكم فنضرب أن ننحي ونسير مجاوزين ﴿عنكم﴾ خاصة من بين بني إبراهيم عليه الصلاة والسلام ﴿الذكر﴾ أي الوعظ المستلزم للشرف ﴿صفحاً﴾ أي بحيث يكون حالنا معكم حال المعرض المجانب بصفحة عنقه، فلا نرسل إليكم رسولاً، ولا ننزل معه كتاباً فهو مفعول له أي نضرب لأجل إعراضنا عنكم، أو يكون ظرفاً بمعنى جانباً أي نضربه عنكم جانباً، قال الجامع بين العباب والمحكم: أضربت عن الشيء: كففت وأعرضت، وضرب عنه الذكر وأضرب عنه: صرفه، وقال الإمام عبد الحق في الواعي: والأصل في ضرب عنه الذكر أن الراكب إذا ركب دابته فأراد أن يصرفه عن جهته ضربه بعصاه ليعدله عن جهته إلى الجهة التي يريدها، فوضع الضرب في موضع الصرف والعدل، قال الهروي: قال الأزهري: يقال: ضربت عنه وأضربت بمعنىّ واحد، ونقل النواوي عنه أنه قال: إن المجرد قليل، فالحاصل أن الضرب