باطناً إذا تأمل الفطن حكمة مسخرها وواضعها وميسرها.
ولما كان إنزال الماء من العلو في غاية العجب لا سيما إذا كان في وقت دون وقت، وكان إنبات النبات به أعجب، وكان دالاً على البعث ولا بد، وكان مقصود السورة أنه لا بد من ردهم عن عنادهم بأعظم الكفران إلى الإيمان، والخضوع له بغاية الإذعان، قال دالاً على كمال القدرة على ذلك وغيره بالتنبيه على كمال الوصف بالعطف وبإعادة الموصول الدال على الفاعل المذكر بعظمته للتنبيه على أن الإعادة التي هذا دليلها هي سر الوجود، فهي أشرف مما أريد من الآية الماضية بمهد الأرض وسلك السبل: ﴿والذي نزل﴾ أي بحسب التدريج، ولولا قدرته الباهرة لكان دفعة واحدة أو قريباً منها ﴿من السماء﴾ أي المحل العالي ﴿ماء﴾ عذباً لزروعكم وثماركم وشربكم بأنفسكم وأنعامكم ﴿بقدر﴾ وهو بحيث ينفع الناس ولا يضر بأن يكون على مقدار حاجاتهم، ودل على عظمة الإنبات بلفت القول إلى مظهر العظمة تنبيهاً على أنه الدليل الظاهر على ما وصل به من نشر الأموات فقال مسبباً عن ذلك: ﴿فأنشرنا﴾ أي أحيينا، والمادة تدور على الحركة والامتداد


الصفحة التالية
Icon