سؤالك إياهم نسبة هم حاكمون بها حكماً لا يتمارون فيه كأنهم متمكنون من ذلك تمكن الجاعل فيه يجعله ﴿من عباده﴾ الذين أبدعهم كما أبدع غيرهم ﴿جزءاً﴾ أي ولداً هو لحصرهم إياه في الأنثى أحد قسمي الأولاد، وكل فهو جزء من والده، ومن كان له جزء كان محتاجاً فلم يكن إلهاً وذلك لقولهم: الملائكة بنات الله، فثبت بذلك طيش عقولهم وسخافة آرائهم.
ولما كان هذا في غاية الغلظة من الكفر، قال مؤكداً لإنكارهم أن يكون عندهم كفر: ﴿إن الإنسان﴾ أي هذا النوع الذي هم بعضه ﴿لكفور مبين﴾ أي مبين الكفر في نفسه مناد عليها بالكفر بياناً لذلك لكل أحد هذا ما يقتضيه طبعه بما هو عليه من النقص بالشهوات والحظوظ ليبين فضل من حفظه الله بالعقل على من سواه من جميع المخلوقات بمجاهدته لعدو وهو بين جنبيه مع ظهور قدرة الله الباهرة بذلك.
ولما كان كأنه قيل إنكاراً عليهم وتهكماً بهم حيث لم يرضوا بأن جعلوا لمن إليه الجعل من عباده جزءاً حتى جعلوه شر الجزئين الإناث، وهم أشد الناس نفرة منهن: أوهب له ذلك الجزء الذي جعلتموه إناثاً غيره قسراً بحيث لم يقدر أن ينفك عنه كما قدم في السورة