أي والحال أنه، وقدم لإفادة الاهتمام قوله: ﴿في الخصام﴾ إذا احتيج إليه ﴿غير مبين﴾ أي لا يحصل منه إبانة مطلقة كاملة لما يريده لنقصان العقل وضعف الرأي بتدافع الحظوظ والشهوات وتمكن السعة، فلا دفاع عنده بيد ولا لسان.
ولما كان ربما ظن أن المحذور إنما هو جعلهم عيهم السلام إناثاً بقيد النسبة إليه سبحانه، نبه على أن ذلك قبيح في نفسه مطلقاً لدلالته على احتقارهم وانتقاصهم فهو كفر ثالث إلى الكفرين قبله: نسبة الولد إليه سبحانه ثم جعل أخص النوعين، فقال: ﴿وجعلوا﴾ أي مجترئين على ما لا ينبغي لعاقل فعله ﴿الملائكة الذين هم﴾ متصفون بأشرف الأوصاف أنهم ﴿عباد الرحمن﴾ العامة النعمة الذي خلقهم فهم بعض من يتعبد له وهم عباده وحقيقة لأنهم ما عصوه طرفه عين، فهم أهل لأن يكونوا على أكمل الأحوال، وقراءة «عند» بالنون شديدة المناداة عليهم بالسفه، وذلك أن أهل حضرة الملك الذين يصرفهم في المهمات لا يكونون إلا على أكمل الأحوال وعنديته أنهم لم يعصوه قط وهم محل مقدس عن المعاصي مشرف بالطاعات وأهل الاصطفاء،