قال: فمن القاسم؟ دالاً على بعدهم عن أن يكون إليهم شيء من قسم ما أعد لأديانهم بما يشاهدونه من بعدهم عن قسم ما أعد لأبدانهم، لافتاً القوم عن صفة الإحسان إلى مظهر العظمة إشارة إلى أنها تأبى المشاركة في شيء وتقتضي التفرد: ﴿نحن قسمنا﴾ أي بما من العظمة ﴿بينهم﴾ أي في الأمر الذي يعمهم ويوجب تخصيص كل منهم بما لديهم ﴿معيشتهم﴾ التي يعدونه رحمة ويقصرون عليها النعمة ﴿في الحياة الدنيا﴾ التي هي أدنى الأشياء عندنا، وإشار إلى أنها حياة ناقصة لا يرضاها عاقل، وأما الآخرة فعبر عنها بالحيوان لأنا لو تركنا قسمها إليهم لتعاونوا على ذلك فلم يبق منهم أحد فكيف يدخل في الوهم أن يجعل إليهم شيئاً من الكلام في أمر النبوة التي هي روح الوجود، وبها سعادة الدارين: ﴿ورفعنا﴾ بما لنا من نفوذ الأمر ﴿بعضهم﴾ وإن كان ضعيف البدن قليل العقل ﴿فوق بعض﴾ وإن كان قوياً عزيز العقل ﴿درجات﴾ في الجاه والمال ونفوذ الأمر وعظم القدر لينتظر حال الوجود، فإنه لا بد في انتظامه من تشارك الموجودين وتعاونهم، تفاوتنا بينهم في الجثث والقوى والهمم ليقتسموا الصنائع، والمعارف والبضائع، ويكون كل ميسر لما خلق له، وجانحاً إلى ما هي له لتعاطيه، فلم يقدر أحد من دنيء أو غني أن يعدو قدره


الصفحة التالية
Icon