بنون العظمة وصيغة الافتعال، وأحد هذين التقديرين سبق العلم الأزلي بأنه لا يكون، فالآية من أدلة القدرة على المحال لغيره وهي كثيرة جداً، وقد أكرم الله نبينا محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أن يريه شيئاً يكرهه في أمته حتى قبض.
ولما أوقف سبحانه السامع بهاتين الشرطيتين بين الخوف والرجاء لبيان الاستبداد بعلم الغيب تغليباً للخوف، وأفهم السياق وإن كان شرطاً أن الانتقام منهم أمر لا بد منه، وأنه لا قدرة لأحد على ضرهم ولا نفعهم إلا الله، سبب عنه قوله: ﴿فاستمسك﴾ أي أطلب وأوجد بجد عظيم على كل حال الإمساك ﴿بالذي أوحي إليك﴾ من حين نبوتك وإلى الآن في الانتقام منهم وفي غيره.
ولما كان المقام لكثرة المخالف محتاجاً إلى تأكيد يطيب خواطر الأتباع ويحملهم على حسن الاتباع، علل ذلك بقوله: ﴿إنك على صراط﴾ أي طريق واسع واضح جداً: ﴿مستقيم﴾ موصل إلى المقصود لا يصح أصلاً أن يلحقه شيء من عوج، فإذا فعلت ذلك لم يضرك شيء من نقمتهم.
ولما أثبت حسنه في نفسه المتقضي للزومه، عطف عليه نفعه


الصفحة التالية
Icon