إذا أحضروا كتبهم علمت دلالتها القطعية على اختصاصه سبحانه بالعبادة كما بينته في كتابي هذا يرد المتشابه منها إلى المحكم، وجعلها ابن جرير مثل قوله تعالى ﴿فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر﴾ [النساء: ٥٩] وقال: ومعلوم أن معنى ذلك: فردوه إلى كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فاستغنى بذكر الرسل عن ذكر الكتب. وهو عين ما قلته، ولو كان المراد حقيقة السؤال وسؤال جميع الرسل لقال «قبلك» بإسقاط «من» ليستغرق الكل - والله أعلم.
ولما ذكر المسؤول مفخماً له بما اقتضته العبارة من الإرسال والإضافة إليه، ذكر المسؤول عنه بقوله تعالى: ﴿أجعلنا﴾ أي أبحنا وأمرنا ورضينا على ما لنا من العظمة والقدرة التامة، مما ينافي ذلك، وقرر حقارة ما سواه بقوله: ﴿من دون﴾ وزاد بقوله: ﴿الرحمن﴾ أي الذي رحمته عمت جميع الموجودات ﴿آلهة﴾ ولما كان قد جعل لكل قوم وجهة يتوجهون في عبادتهم إلهاً، وشيئاً محسوساً بغلبة الأوهام على الأفهام يشهدونه وكان ربما تعنت به متعنت، قال محترزاً: ﴿يعبدون﴾ أي من عابد ما بوجه ما.


الصفحة التالية
Icon