وطلب الدعاء منه يمنع اعتقاد أنه ساحر، واعتقاد أنه ساحر يمنع طلب الدعاء منه عند العاقل ﴿ادع لنا ربك﴾ أي المحسن إليك بما يفعل معك من هذه الأفعال التي نهيتنا بها إكراماً لك ﴿بما﴾ أي بسبب ما ﴿عهد عندك﴾ من أنه يفعل من وضعها ورفعها على ما تريد على ما أخبرتنا أنه إن آمنا أكرمنا، وإن تمادينا أهاننا، ثم عللوا ذلك بقولهم مؤكداً تقريباً لحالهم البعيدة من الاعتداء بما يخبر به شاهد الوجود: ﴿إننا لمهتدون﴾ أي اهتداء ثابتاً يصير لنا وصفاً لازماً عند كشف ذلك عنا.
ولما كان العاقل لا يخبر عن نفسه إلا بما هو صحيح، فكيف إذا كان عظيماً بين قومه فكيف إذا أكد ذلك بأنواع من التأكيد، فكان السامع لهذا الكلام يقطع بصدقه، بين تعالى ما يصحح أن حالهم حال من يعتقد أنه ساحر بأنهم أسرعوا الخيانة بالكذب فيه من غير استحياء ولا خوف، فقال معبراً بالفاء دلالة على ذلك: ﴿فلما كشفنا﴾ على ما لنا من العظمة التي ترهب الجبال ﴿عنهم العذاب﴾ أي الذي أنزلناه بهم ﴿إذا هم ينكثون﴾ أي فاجؤوا الكشف بتجديد النكث بإخلاف بعد إخلاف ﴿ونادى فرعون﴾ أي زيادة على نكثه ﴿في قومه﴾ أي الذين لهم غاية القيام معه، وأمر كلاً منهم أن يشيع قوله إشاعة تعم البعيد كما تشمل القريب فتكون كأنها مناداة إعلاماً


الصفحة التالية
Icon