يشك أتباعه في ملكه، دل عليه بما بناه من الحال: ﴿وهذه﴾ أي والحال أن هذه ﴿الأنهار﴾ وكأنه كان قد أكثر من تشقيق الخلجان إلى بساتينه وقصوره، ونحو ذلك من أموره فقال: ﴿تجري من تحتي﴾ أي من أي موضع أردته بما لا يقدر عليه غيري، وزاد في التقرير بقوله: ﴿أفلا تبصرون﴾ أي الذي ذكرته لكم فتعلموا ببصائر قلوبكم أنه لا ينبغي لأحد أن ينازعني، وهذا لعمري قول من ضعفت قواه وانحلت عراه.
ولما أرشد السياق إلى أن التقدير: أفهذا الذي جاء يسلبنا عبيدنا بني إسرائيل خير عندكم مني؟ نسق عليه قوله: ﴿أم أنا خير﴾ مع ما وصفت لكم من ضخامتي وما لي من القدرة على إجراء المياه التي بها حياة كل شيء، ونقل ابن الجوزي وغيره من المفسرين عن سيبويه وأستاذه الخليل أنها معادلة لتقريرهم بالإبصار، فكأنه قال: أفلا تبصرون ما ذكرتكم به فترون لعدم إبصاركم أنه خير مني أم أنا خير منه لأنكم لا تبصرون، وكان هو أحق بهذه النصيحة منهم فإنه أراهم الطريق الواضحة إلى الضلال والموصلة إليه من غير مشقة ولا تعب بقوله: أفلا تبصرون أم أنتم بصراء، فيكون ذلك احتباكاً تقديره: أفلا تبصرون ما


الصفحة التالية
Icon