كأنها بعلاج ﴿فأغرقناهم﴾ في اليم ﴿أجمعين﴾ إهلاك نفس واحدة لم يفلت منهم أحد على كثرتهم وقوتهم وشدتهم، وهذا لا يكون في العادة إلا بعد علاج كثير أو اعتناء كبير.
ولما كان إهلاكهم بسبب إغضابهم لله وبالكبر على رسله، كانوا سبباً لأن يتعظ بحالهم من يأتي بعدهم فلذلك قال تعالى: ﴿فجعلناهم﴾ أي بأخذنا لهم على هذه الصورة من الإغراق وغيره مما تقدمه ﴿سلفاً﴾ متقدماً لكل من يهلك بعدهم إهلاك غضب في الهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة وقدوة لمن يريد العلو في الأرض فتكون عاقبته في الهلاك في الدارين أو إحداهما عاقبتهم كما قال سبحانه عز من قائل وتبارك وتعالى ﴿وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار﴾ [القصص: ٤١] :﴿ومثلاً﴾ أي حديثاً عجيباً سائراً مسير المثل ﴿للآخرين﴾ الذين خلفوا بعدهم من زمنهم إلى آخر الدهر فيكون حالهم عظة لناس وإضلالاً لآخرين، فمن قضى أن يكون على مثل حالهم عمل مثل أعمالهم، ومن أراد


الصفحة التالية
Icon