بما يحاولونه وكانوا حزباً واحداً لم يفرقهم شيء. ولما كان الناس من بعدهم قد كثروا وفرقهم اختلاف الألسنة والأديان، وكان للاجمال من الروع في بعض المواطن ما ليس للتفصيل قال: ﴿والأحزاب﴾ أي الأمم المتفرقة الذين لا يحصون عدداً، ودل على قرب زمان الكفر من الإنجاء من الغرق بقوله: ﴿من بعدهم﴾.
ولما كان التذكيب وحده كافياً في الأذى، دل على أنهم زادوا عليه بالمبالغة في المناصبة بالمعاندة، وقدم قصد الإهلاك لأنه أول ما يريده العدو فإن عجز عنه نزل إلى ما دونه فقال: ﴿وهمَّت كل أمة﴾ أي من الأحزاب المذكورين ﴿برسولهم﴾ أي الذي أرسلناه إليهم. ولما كان الأخذ يعبر عنه عن الغلبة والقهر والاستصغار مع الغضب قال: ﴿ليأخذوه﴾ ولما كان سوق الكلام هكذا دالاً على أنهم عجزوا عن الأخذ، ذكر أنهم بذلوا جهدهم في المغالبة بغيره، فقال حاذفاً للمفعول تعميماً: ﴿وجادلوا بالباطل﴾ أي الأمر الذي لا حقيقة له، وليس له من ذاته إلا الزوال، كما تفعل قريش ومن انضوى إليهم من العرب، ثم بين علة مجادلتهم فقال: ﴿ليدحضوا﴾ أي ليزلقوا فيزيلوا ﴿به الحق﴾ أي الثابت ثباتاً لا حيلة في إزالته.
ولما كان من المعلوم لكل ذي لب أن فاعل ذلك مغلوب، وأن