سبحانه للتهويل والتأكيد قوله: ﴿يومئذ﴾ أي إذا تقول يخسرون - هكذا كان الأصل، ولكنه قال للتعميم والتعليق بالوصف: ﴿يخسر المبطلون *﴾ أي الداخلون في الباطل العريقون في الاتصاف به، الذين كانوا لا يرضون بقضائي فيستعجلون فيتوصلون إلى مراداتهم بما لم آمر به، ولا يزالون يبغون إلى أن يأتي الوقت الذي قدرت وصلوهم إليها فيه، فيصلون ويظنون أنهم وصلوا بسعيهم، وأنهم لو تركوا لما كان لهم ذلك فيخسرون لأجل سعيهم بما جعلت لهم من الاختيار بمرادي فيهم على خلاف أمري، خسارة مستمرة التجدد لا انفكاك لهم عنها ويفوز المحقون.
ولما كان ذلك من شأن اليوم مهولاً، عم في الهول بقوله مصوراً لحاله: ﴿وترى﴾ أي في ذلك اليوم ﴿كل أمة﴾ من الأمم الخاسرة فيها والفائزة ﴿جاثية﴾ أي مجتمعة لا يخلطها غيرها، وهي مع ذلك باركة على الركب رعباً واستيفازاً لما لعلها تؤمر به، جلسة المخاصم بين يدي الحاكم، ينتظروا القضاء الحاتم، والأمر الجازم اللازم، لشدة ما يظهر لها من هول ذلك اليوم. ولما كان كأن قيل: هم مستوفزون، قال: ﴿كل أمة﴾


الصفحة التالية
Icon