أي الجبار المتكبر المختص بصفات الكمال الذي هو الحمد بما دلت عليه ربوبيته، وختم بقوله: ﴿العزيز الحكيم *﴾ تقريراً لأنه لم يضع شيئاً إلا في أوفق محاله، وأنه الخالق للشر كما أنه الخالق للخير ولجميع الأفعال وأنه يعز أولياءه ويذل أعداءه ويحكم أمر دينه فيظهره على الدين كله من غير أن يقدر أحد على معارضته في شيء منه فصارت آية الجاثية مقدمة لهذه وهذه نتيجة.
ولما ثبت في الجاثية مضمون قوله تعالى في الدخان ﴿وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين﴾ بما ذكر فيهما من الآيات والمنافع والحكم، أثبت هنا مضمون ما بعد ذلك بزيادة الأجل فقال دالاً على عزته وحكمته: ﴿ما خلقنا﴾ أي على ما لنا من العظمة الموجبة للتفرد بالكبرياء ﴿السماوات والأرض﴾ على ما فيهما من الآيات التي فصل بعضها في الجاثية. ولما كان من المقاصد هنا الرد على المجوس وغيرهم ممن ثبت خلقاً لغير الله قال: ﴿وما بينهما﴾ أي من الهواء المشحون بالمنافع وكل خير وكل شر من أفعال العباد وغيرهم، وقال ابن برجان في تفسيره: جميع الوجود أوله وآخره نسخة


الصفحة التالية
Icon