وألزمهم للصدق.
ولما دلت هذه الآيات بعظيم حججها وزخار ما أغرق من لججها، على أن ما يدينون به أوهى من الخيال، وأن هذا الكتاب في صدقه وكل شيء من أمره أثبت من الجبال، فكانوا أجدر الخلق بأن يقولوا: رجعنا عما كنا فيه وآمنا، كان موضع أن يقال: هل أقروا بأنك صادق في نسبة هذا الكتاب إلى الله، فعادله بقوله دليلاً عليه: ﴿أم يقولون﴾ مجددين لذلك متابعين له ﴿افتراه﴾ أي تعمد كذبه، فيكون ذلك من قولهم عجباً لأنه قول مقرون بما يكذبه ويبطله كما يأتي في تقريره.
ولما كان كأنه قيل: إنهم ليقولون ذلك، وقد قرحوا القلوب به فماذا يردهم عنه؟ قيل: ﴿قل﴾ ما هو أشد عليهم من وقع النبل، وهو ما يرد ما رموك به عليهم بحجة هي أجلى من الشمس في الظهيرة صحواً ليس دونها سحاب. ولما كان من عادة الملوك أنه متى كذب عليهم أحد عاجلوه بالعقوبة قال: ﴿إن افتريته﴾ أي تعمدت