بالقرآن وبهذا الرسول ﴿خيراً﴾ أي من جملة الخيور ﴿ما سبقونا إليه﴾ ونحن أشرف منهم وأكثر أموالاً وأولاداً وأعلم بتحصيل العز والسؤدد الذي هو مناط الخير فكأن لم يسبقونا إلى شيء من هذه الخيرات التي نحن فائزون بها وهم صفر منها، لكنه ليس بخير، فلذلك سبقوا إليه فكان حالهم فيه حالهم فيما هو محسوس من أمورهم في المال والجاه.
ولما أخبر عما قالوا حين سبقهم غيرهم، أخبر عما يقولون عند تعمد الإعراض عنه فقال: ﴿وإذ﴾ أي وحين ﴿لم يهتدوا به﴾ يقولون عناداً وتكبراً وكفراً: لو كان هدى لأبصرناه ولم يعلموا أنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور.
ولما كان التقدير: فإن قيل لهم: فما هو؟ أجابه بقوله مسبباً عن هذا المقدر علماً من أعلام النبوة: ﴿فسيقولون﴾ بوعد لا خلف فيه لأن الناس أعداء ما جهلوا ولأنهم لم يجدوا على ما يدعونه من أنه لو كان خيراً لسبقوا غيرهم إليه دليلاً: ﴿هذا﴾ أي الذي سبقتم إليه ﴿إفك﴾ أي شيء مصروف عن وجهه إلى قفاه ﴿قديم *﴾ أفكه غيره وعثر هو عليه فأتى به ونسبه إلى الله.
ولما كان هذا الكلام ساقطاً في نفسه لما قام من الأدلة الباهرة