أي طلبوا القوم طلباً عظيماً وأوجدوه.
ولما كان الوصف لرؤوس المؤمنين، عد أعمالهم أسباباً فأخبر عنهم بقوله: ﴿فلا خوف عليهم﴾ أي يعلوهم بغلبة الضرر، ولعله يعبر في مثل هذا بالاسم إشارة إلى أن هيبته بالنظر إلى جلاله وقهره وجبروته وكبره وكماله لا تنتفي، ويحصل للأنسان باستحضارها إخبات وطمأنينة ووقار وسكينة يزيده في نفسه جلالاً ورفعة وكمالاً، فالمنفي خوف يقلق النفس ﴿ولا هم﴾ في ضمائرهم ولا في ظواهرهم ﴿يحزنون *﴾ أي يتجدد لهم شيء من حزن أصلاً.
ولما نفى عنهم المحذور، مدهم بإيثار السرور، فقال تعالى: ﴿أولئك﴾ أي العالو الدرجات ﴿أصحاب الجنة﴾ ولما دلت الصحبة على الملازمة، صرح بها بقوله تعالى: ﴿خالدين فيها﴾ خلوداً لا آخراً له، جوزوا بذلك ﴿جزاء﴾ ولما كانوا محسنين فكانت أعمالهم في غاية الخلوص جعلها تعالى أسباباً أولاً وثانياً، فقال مشيراً إلى دوامها لأنها في جبلاتهم ﴿بما كانوا﴾ أي طبعاً وخلقاً ﴿يعملون *﴾ على سبيل التجديد المستمر.
ولما تفضل سبحانه وتعالى على الإنسان بعد الأعمال التي هيأه لها وأقدره عليها ووفقه لها أسباباً قرن بالوصية بطاعته - لكونه المبدع - الوصية بالوالدين لكونه تعالى جعله سبب الإيجاد، فقال في هذا السياق


الصفحة التالية
Icon