أي بالفعل لوجوب ذلك عليّ لخصوصه بي ﴿وعلى والديّ﴾ ولو بمطلق الإيجاد والعافية في البدن، لأن النعمة عليهما نعمة عليّ، وقد مضى في النمل ما يتعين استحضاره هنا.
ولما كان المقصود الأعظم من النعمة الماضية نعمة الإيجاد المراد من شكرها التوحيد، أتبعها تمام الشكر فقال: ﴿وأن أعمل﴾ أي أنا في خاصة نفسي ﴿صالحاً﴾. ولما كان الصالح في نفسه قد يقع الموقع لعدم الإذن فيه قال: ﴿ترضاه﴾ والتنكير إشارة إلى العجز عن بلوغ الغاية فإنه لن يقّدر الله حق قدره أحد.
ولما دعا لنفسه بعد أن أوصى برعاية حق أبيه، لقنه سبحانه الدعاء لمن يتفرع منه، حثاً على رعاية حقوقهم لئلا يسلطهم على عقوقه فقال: ﴿وأصلح﴾ أي أوقع الإصلاح، وقال: ﴿لي في ذريتي﴾ لأن صلاحهم يلحقه نفعه، والمراد بقصر الفعل وجعلهم ظرفاً له أن يكون ثابتاً راسخاً سارياً فيهم وهم محيطون به فيكونوا صالحين.
ولما استحضر عند كمال العقل في الأربعين أن ما مضى من العمر كان أغلبه ضائعاً فدعا، وكان من شرط قبول الدعاء التوبة، علله بقوله: ﴿إني تبت﴾ أي رجعت ﴿إليك﴾ أي عن كل ما يقدح في الإقبال


الصفحة التالية
Icon