إلينا ﴿اكشف عنا العذاب﴾ ثم عللوا ذلك بما علموا أنه الموجب كشفه، فقالوا مؤكدين لما لحالهم من المنافاة لخبرهم: ﴿إنا مؤمنون *﴾ أي عريقون في وصف الإيمان واصلون إلى رتبة الإيقان، وهذا يصح أن يراد به بعد طلوع الشمس من مغربها، روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون، وذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها» ثم قرأ الآية، وإن كان المراد بالعذاب ما حصل من القحط كان هذا الإيمان على سبيل الوعد.
ولما كان كشف الآيات وإظهار العذاب لا يفيد في الدلالة على الحق أكثر مما أفاده الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما أقامه من المعجزات بل إفادة الرسول أعظم، أجيب من كأنه سأل عن حالهم عند ذلك بقوله معرضاً عن خطابهم، إيذاناً بدوام مصابهم، لئلا يظن أنه ما كشف عنهم العذاب إلا لظن أنهم صادقون: ﴿أنى﴾ أي كيف ومن أين ﴿لهم الذكرى﴾ أي هذا التذكر العظيم الذي وصفوا به أنفسهم ﴿وقد﴾ أي والحال أنه قد ﴿جاءهم﴾ ما هو أعظم من ذلك بما