﴿أحسن﴾ ويجوز أن يراد به مطلق الدعاء أو الطاعات ويكون ما دون الأحسن مقبولاً، قبولاً مطلقاً على مقدار النية فيه، وتكون التعدية بعن إشارة إلى أن جبلاتهم مبنية على الترقي في معارج الكمال في كل وقت إلى غير نهاية، فتكون هذه المحاسن ليست منهم بمعنى أنهم مجبولون على أعلى منها في نهاياتهم والعبرة بالنهايات ولذلك قال تعالى: ﴿ما عملوا﴾ ولم يقل: أعمالهم. ولما كان الإنسان محل النقصان وإن كان محسناً، نبه على ذلك وعلى أن شرط تكفير السيئات التوبة بقوله تعالى: ﴿ونتجاوز﴾ أي بوعد مقبول لا بد من كونه، وهو معنى قراءة حمزة والكسائي بالنون في الفعلين ﴿عن سيئاتهم﴾ أي فلا يعابهم عليها.
ولما كان هذا مفهماً لأنهم من أهل الجنة، صرح به زيادة في مدحهم بقوله: ﴿في أصحاب الجنة﴾ أي أنه فعل بهم ذلك وهم في عدادهم لأنهم لم يزالوا فيه لأنهم ما برحوا بعين الرضا. ولما كان هذا وعداً، أكد مضمونه بقوله: ﴿وعد الصدق﴾ لكونه مطابقاً


الصفحة التالية
Icon