لأنهم لم يذكروا الله حق ذكره عند شهواتهم بل نالوها مع مخالفة أمره سبحانه ونهيه: ﴿أذهبتم﴾ في قراءة نافع وأبي عمرو والكوفيين بالإخبار، وقراءة الباقين بالاستفهام لزيادة الإنكار والتوبيخ ﴿طيباتكم﴾ أي لذاتكم باتباعكم الشهوات ﴿في حياتكم﴾ ونفر منها بقوله تعالى: ﴿الدنيا﴾ أي القريبة الدنية المؤذن وصفها لمن يعقل بحياة أخرى بعدها، فكان سعيكم في حركاتكم وسكناتكم لأجلها حتى نلتموها ﴿واستمتعتم﴾ أي طلبتم وأوجدتم انتفاعكم ﴿بها﴾ وجعلتموها غاية حظكم في رفعتكم ونعمتكم.
ولما كان ذلك استهانة بالأوامر والنواهي للاستهانة بيوم الجزاء، سبب عنه قوله تعالى: ﴿فاليوم تجزون﴾ أي على إعراضكم عنا بجزاء من لا تقدرون التقصي من جزائه بأيسر أمر منه ﴿عذاب الهون﴾ أي الهوان العظيم المجتمع الشديد الذي فيه ذلك وخزي ﴿بما كنتم﴾ جبلة وطبعاً ﴿تستكبرون﴾ أي تطلبون الترفع وتوجدونه على الاستمرار ﴿في الأرض﴾ التي هي لكونها تراباً وموضوعة على الزوال والخراب،


الصفحة التالية
Icon