وبين عذاب الدنيا، سبب عن أخباره عن إهلاك الأمم الماضية قوله مقدماً للعلة التي جعلها محط نظرهم منكراً عليهم موبخاً لهم: ﴿فلولا﴾ أي فهل لا ولم لا ﴿نصرهم﴾ أي هؤلاء المهلكين ﴿الذين اتخذوا﴾ أي اجتهدوا في صرف أنفسهم عن دواعي العقل والفطر الأولى حتى أخذوا، وأشار إلى قلة عقولهم ببيان سفولهم فقال: ﴿من دون الله﴾ أي الملك الذي هو أعظم من كل عظيم ﴿قرباناً﴾ أي لأجل القربة التقريب العظيم يتقربون إليها ويزعمون أنها تقربهم إلى الله ﴿آلهة﴾ أشركوهم مع الملك الأعظم لأجل ذلك - قاتلهم الله وأخزاهم.
ولما كان التخصيص يفهم أنهم ما نصروهم، أضرب عنه فقال: ﴿بل ضلوا﴾ أي غابوا وعموا عن الطريق الأقوم وبعدوا ﴿عنهم﴾ وقت بروك النقمة وقروع المثلة حساً ومعنى. ولما كان التقدير: فذلك الاتخاذ الذي أدتهم إليه عقولهم السافل جداً البعيد من الصواب كان الموصل إلى مآلهم هذا، عطف عليه قوله: ﴿وذلك﴾ أي الضلال البعيد من السداد الذي تحصل من هذه القصة من إخلاف ما كانوا يقولون: إن أوثانهم آلهة، وإنها تضر وتنفع وتقربهم إلى الله وتشفع لهم عنده ﴿إفكهم﴾ أي صرفهم الأمور عن وجهها إلى أقفائها، ويجوز أن تكون الإشارة إلى العذاب، أي وهذا العذاب


الصفحة التالية
Icon