أي بغاية جهدهم متابعين لما تدعو إليه الفطرة الأولى مخالفين لنوازع الشهوات ودواعي الحظوظ على كثرتها وقوتها ﴿الحق﴾ أي الذي له واقع يطابقه وذلك هو الحكمة وهي العمل بموافقة العلم وهو معرفة المعلوم على ما هو عليه ﴿من ربهم﴾ الذي أحسن إليهم بإيجادهم وما سببه من حسن اعتقادهم فاهتدوا.
ولما علم من هذا أن باطن حال الذين كفروا الباطل، وباطن حال الذين آمنوا الحق، وتقدم في البقرة أن المثل هو ما يتحصل في باطن الإدراك من حقائق الأشياء المحسوسة، فيكون ألطف من الشيء المحسوس، وأن ذلك هو وجه الشبه، علم أن مثل كل من الفريقين ماعلم من باطن حاله فمثل الأول الباطل ومثل الثاني الحق، فلذلك قال سبحانه استئنافاً جواباً لمن كأن قال لما أدركه من دهش العقل لما راعه من علو هذا المقال: هل يضرب مثل مثل هذا: ﴿كذلك﴾ أي مثل هذا الضرب العظيم الشأن ﴿يضرب الله﴾ أي الذي له الإحاطة بجميع صفات الكمال ﴿للناس﴾ أي كل من فيه قوة الاضطراب والحركة ﴿أمثالهم *﴾ أي أمثال أنفسهم وأمثال