ولما كان تكميل النفس مرقياً إلى تكميل الغير ليكون له مثل أجره، قال تعالى مبيناً لهذه النعمة العظيمة والمنة الجسيمة معيداً للجار معبراً بالإيمان والوصف إيذاناً بأن أعلى الأمة محتاج إلى ذلك، لأنه لا يقدر أحد أن يقدر الله حق قدره، وهذا مشرفاً لهذه الأمة حيث أمر الشفيع المجاب الدعوة بالاستغفار لهم وهو بالدعاء والحث على الاجتهاد في الأعمال الصالحة، حاذفاً المضاف إشارة إلى الاحتياج إلى المغفرة في كل حال لما للإنسان من النقصان بالخطأ والنسيان: ﴿وللمؤمنين والمؤمنات﴾ أي الراسخين في الإيمان لأنهم أحق الناس بذلك منك لأن ما عملوا من خير كان لك مثل أجره، ولا يخلو أحد منهم من تقصير في المعارف الإلهية والعمل بموجبها أو هفوة.
ولما كان معرفة من يذنب ومن لا يذنب متوقفة على إحاطة العلم، قال عاطفاً على ما تقديره: فالله يعلم حركاتكم وسكناتكم سراً وجهراً ويعلم أنكم لا بد أن تعملوا ما جبلكم عليه من ذنب وهو يغفر لمن أراد ممن يسعى في كمال نفسه وتكميل غيره بغسل الذنوب، بالرجوع إلى طاعة علام الغيوب ﴿والله﴾ المحيط بجميع صفات الكمال ﴿يعلم متقلبكم﴾ أي تقلبكم ومكانه وزمانه ﴿ومثواكم *﴾ أي موضع