مبينة لا يلبس شيء منها بنوع إجمال ولا ينسخ لكونه جامعاً للمحاسن في كل زمان ومكان ﴿وذكر فيها القتال﴾ بأيّ ذكر كان، والواقع أنه لا يكون إلا ذكراً مبيناً أنه لا يزداد إلا وجوباً وتأكداً حتى تضع الحرب أوزارها، قال البغوي: وكل سورة ذكر فيها الجهاد فهي محكمة وهي أشد القرآن على المنافقين. وهو مروي عن قتادة ﴿رأيت﴾ أي بالعين والقلب ﴿الذين في قلوبهم مرض﴾ أي ضعف في الدين أو نفاق من الذين أقروا بالإيمان وطلبوا تنزيل القرآن وكانوا قد أقسموا بالله جهد أيمانهم: لئن أمرتهم ليخرجن ﴿ينظرون إليك﴾ كراهة لما نزل عليك بعد أن حرضوا على طلبه ﴿نظر المغشي عليه﴾ ولما كان للغشي أسباب، بين أن هذا أشدها فقال تعالى: ﴿من الموت﴾ الذي هو نهاية الغشي فهو لا يطرف بعينه بل هو شاخص لا يطرف كراهة للقتال من الجبن والخور.
ولما كان هذا أمراً منابذاً للإنسانية لأنه مباعد للدين والمروءة، سبب عنه أعلى التهديد فقال متوعداً لهم بصورة الدعاء بأن يليهم المكروه: