الظهور في أنه مسخط ففاعله مع ذلك غير معذور في ترك النظر فيه ﴿فأحبط﴾ أي فلذلك تسبب عنه أنه أفسد ﴿أعمالهم *﴾ الصالحة فأسقطها بحيث لم يبق لها وزن أصلاً لتضييع الأساس من مكارم الأخلاق من قرى الضيف والأخذ بيد الضعيف والصدقة والإعتاق وغير ذلك من وجوه الإرفاق.
ولما صور سبحانه ما أثرته خيانتهم بأقبح صوره، فبان به أنه ما حملهم على ما فعلوه إلا جهلهم وسفاهتهم، فأنتج إهانتهم بالتبكيت فقال عاطفاً على ما تقديره: أعلموا حين قالوا ما يسخطنا أنا نعلم سرهم ونجواهم، وإن قدرتنا محيطة بهم ليكونوا قد وطنوا أنفسهم على أنا نظهر للناس ما يكتمونه ونأخذهم أخذاً وبيلاً فيكونوا أجهل الجهلة: ﴿أم﴾ حسبوا لضعف عقولهم - بما أفهمه التعبير بالحسبان - هكذا كان الأصل، ولكنه عبر بما دل على الآفة التي أدتهم إلى ذلك فقال تعالى: ﴿حسب الذين في قلوبهم﴾ التي إذا فسدت فسد جميع أجسادهم ﴿مرض﴾ أي آفة لا طب لها حسباناً هو في غاية الثبات بما دل عليه التأكيد في قوله سبحانه وتعالى: ﴿أن لن يخرج الله﴾ أي يبرز من هو محيط بصفات الكمال للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمؤمنين رضوان الله عليهم


الصفحة التالية
Icon