لها، وكان ذلك موجباً للاجتراء عليهم، سبب عنه قوله مرغباً لهم في لزوم الجهاد محذراً من تركه: ﴿فلا تهنوا﴾ أي تضعفوا ضعفاً يؤدي بكم إلى الهوان والذل ﴿وتدعوا﴾ أي أعداءكم ﴿إلى السلم﴾ أي المسالمة وهي الصلح ﴿وأنتم﴾ أي والحال أنكم ﴿الأعلون﴾ على كل من ناواكم لأن الله عليهم، ثم عطف على الحال قوله: ﴿والله﴾ أي الملك الأعظم الذي لا يعجزة شيء ولا كفوء له ﴿معكم﴾ أي بنصره ومعونته وجميع ما يفعله الكرمي إذا كان مع غيره، ومن علم أن سيده معه وعلم أنه قادر على ما يريد لم يبال بشيء أصلاً ﴿ولن يتركم أعمالكم *﴾ أي فيسلبكموها فيجعلكم وتراً منها بمعنى أنه يبطلها كما يفعل مع أعدائكم في إحباط أعمالهم فيصيرون مفردين عنها لأنكم لم تبطلوا أعمالكم بجعل الدنيا محط أمركم، فلا يجوز لإمام المسلمين أن يجيب إلى مسالمة الكفار وبه قوة على مدافعتهم، ولا يحل له ترك الجهاد إلا لمعنى يظهر فيه النظر للمسلمين، ومتى لم يجاهد في سبيل الله انصرف بأسه إلى المسلمين.
ولما أتم العلة الأولى أقبل على الثانية الصادة عن الطاعة القائدة إلى المعصية الملائمة للشهوة المبطلة للأعمال الموجبة للتهاون المؤدي إلى عدم المغفرة، فقال مرغباً في طاعته الموجبة للفوز الدائم ببيان قصر أيام المحنة