ولما كان ذلك مفهماً أنهم غيرهم، لكنه لا يمنع أن يكونوا - مع كونهم غير أعيانهم - من قومهم أو أن يشأ دونهم في الصفات وإن كانوا من غير قومهم، نبه على أنهم يكونون من غير قومهم وعلى غير صفاتهم، بل هم أعلى منهم درجة وأكرم خليقة وأحسن فعلاً فقال تعالى: ﴿غيركم﴾ أي بدلاً منكم وهو على غير صفة التولي.
ولما كان الناس متقاربين في الجبلات، وكان المال محبوباً، كان من المستبعد جداً أن يكون هذا البذل على غير ما هم عليه، قال تعالى مشيراً إلى ذلك بحرف التراخي تأكيداً لما أفهمه ما قلته من التعبير ب «غير» وتثبيتاً له: ﴿ثم﴾ أي بعد استبعاد من يستبعد وعلو الهمة في مجاوزة جميع عقبات النفس والشيطان: ﴿لا يكونوا أمثالكم *﴾ في التولي عنه بترك شيء مما أمر به أو فعل شيء مما نهى عنه، ومن قدر على الإيجاد قدر على الإعدام.
بل هو أهون في مجاري العادات، فقد ثبت أنه سبحانه لو شاء لانتصر من الكفار، إما بإهلاكهم أو إما بناس غيركم بضرب رقابهم وأسرهم، وغير ذلك من أمرهم، وثبت بمواصلة ذم الكفار مع قدرته عليهم


الصفحة التالية
Icon