﴿هو﴾ أي وحده ﴿الذي أنزل﴾ في يوم الحديبية ﴿السكينة﴾ أي الثبات على الدين ﴿في قلوب المؤمنين﴾ أي الراسخين في الإيمان وهم أهل الحديبية بعد أن دهمهم فيها ما من شأنه أن يزعج النفوس ويزيغ القلوب من صد الكفار ورجوع الصحابة رضي الله تعالى عنهم دون مقصودهم، فلم يرجع أحد منهم عن الإيمان بعد أن ماج الناس وزلزلوا حتى عمر رضي الله عنه - مع أنه الفاروق ومع وصفه في الكتب السالفة بأنه قرن من حديد - فما الظن بغيره في فلق نفسه وتزلزل قلبه، وكان للصديق رضي الله عنه من القدم الثابت والأصل الراسخ ما علم به رضي الله عنه أنه لا يسابق، ثم ثبتهم الله أجمعين، قال الرازي: والسكينة الثقة بوعد الله، والصبر على حكم الله، بل السكينة ههنا معين بجمع فوزاً وقوة وروحاً، يسكن إليه الخائف ويتسلى به الحزين، وأثر هذه السكينة الوقار والخشوع وظهور الحزم في الأمور - انتهى. وكل من رسخ في الإيمان، له في هذه الآية نصيب جناه دان.
ولما أخبر بما لا يقدر عليه غيره، علله بقوله: ﴿ليزدادوا﴾ أي بتصديق الرسول حين قال لهم: إنهم لا بد أن يدخلوا مكة ويطوفوا بالبيت العتيق، وحلهم الله به من الشبهة بتذكرهم أنه لم يقل لهم: إنهم


الصفحة التالية
Icon