المجاهدين، ولو سلط على الكفار جنوده من أول الأمر فأهلكوهم أو دمر عليهم بغير واسطة لفات دخول أكثرهم الجنة، وهم من آمن منهم بعد صلح الحديبية ﴿جنات﴾ أي بساتين لا يصل إلى عقولكم من وصفها إلا ما تعرفونه بعقولكم وإن كان الأمر أعظم من ذلك ﴿تجري﴾ ودل وقرب وبعض بقوله: ﴿من تحتها الأنهار﴾ فأي موضع أردت أن تجري منه نهراً قدرت على ذلك، لأن الماء قريب من وجه الأرض مع صلابتها وحسنها. ولما كان الماء لا يطيب إلا بالقرار تعالى: ﴿خالدين فيها﴾ أي لا إلى آخر.
ولما كان السامع لهذا ربما ظن أن فعله ذلك باستحقاق، قال إشارة إلى أنه لا سبب إلا رحمته: ﴿ويكفر﴾ أي يستر ستراً بليغاً شاملاً ﴿عنهم سيئاتهم﴾ التي ليس من الحكمة دخول الجنة دار القدس قبل تكفيرها، بسبب ما كانوا متلبسين به منها من الكفر وغيره، فكان ذلك التكفير سبباً لدخولهم الجنة ﴿وكان ذلك﴾ أي الأمر العظيم من الإدخال والتكفير المهيىء له، وقدم الظرف تعظيماً لها فقال تعالى: ﴿عند الله﴾ أي الملك الأعظم ذي الجلال والإكرام ﴿فوزاً عظيماً *﴾


الصفحة التالية
Icon