فإنه اختبأ في الحديبية وقت البيعة في وقت من الأوقات، فلم يبايع، سبب عن ذلك وفصل ترغيباً وترهيباً، فقال معبراً بالماضي إيذاناً بأنه لا ينكث أحد من أهل هذه البيعة: ﴿فمن نكث﴾ أي نقض في وقت من الأوقات فجعلها كالكساء الخلق والحبل البالي الذي ينقض ﴿فإنما ينكث﴾ وعبر بالمضارع إشارة إلى أن من فعل النكث فهو في كل لحظة ناكث نكثاً جديداً ﴿على نفسه﴾ لا على غيرها فإنه بمرأى من الله ومسمع وهو قادر عليه جدير بأن يعاقبه بعد ما عجل لنفسه من العار العظيم في الدنيا ويستحل به على نكثه عذاباً أليماً، ولا يضر ذلك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئاً فإن الله ناصره لا محالة، وكذا كل منكوث به إذا أراد الله نصرته فإن يده سبحانه فوق كل يد.
ولما أتم الترهيب لأنه مقامه للحث على الوفاء الذي به قيام الدين على أبلغ وجه، أتبعه على عادته الترغيب إتماماً للحث فقال تعالى: ﴿ومن أوفى﴾ أي فعل الإتمام والإكثار والإطالة ﴿بما عهد﴾ وقدم الظرف اهتماماً به فقال: ﴿عليه الله﴾ أي الملك المحيط بكل


الصفحة التالية
Icon