رضي الله عنهم على أن لا يفروا عنه، فبايع كل من كان معه إلا جد بن قيس، فإنه اختبأ تحت إبط بعيره فلم يبايع، وقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:» كلكم مغفور له إلا صاحب الجمل الأحمر «.
ولما ذكر سبحانه وتعالى أهل بيعة الرضوان، وأضافهم إلى حضرة الرحمن، تشوف السامع إلى الخبر عمن غاب عن ذلك الجناب، وأبطأ عن حضرة تلك العمرة، فاستؤنف الإخبار عما ينافقون به بقوله تعالى: ﴿سيقول﴾ أي بوعد لا خلف فيه، وأكد أمر نفاقهم تنبيهاً على جلدهم فيه ووقاصهم به ولطف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وشدة رحمته ورفقه وشفقته فقال: ﴿لك﴾ أي لأنهم يعلمون أنك ألطف الخلق عشرة وأعظمهم شفقة على عباد لله، فهم يطمعون في قبولك من فساد عذرهم ما لا يطمعون فيه من غيرك من خلص المؤمنين، وغاب عنهم - لما عندهم من غلظ الأكباد أن الكذب بحضرتك في غاية القباحة لأنك أعظم الخلق وأفطنهم، مع ما يأتيك من الأنباء عن علام الغيوب، وحقر أمرهم بسلب العقل عنهم وجعلهم مفعولين لا فاعلين إشارة إلى أنهم طردوا عن هذا المقام، لأنهم أشرار لئام، فقال تعالى ﴿المخلفون﴾ أي الذين - خلفهم الله عنك ولم يرضهم