على أن من صدق مع الله لم يشغله عن شاغل، ومن شغله عنه شيء كان شوماً عليه: ﴿يقولون﴾ وعبر بالمضارع إشارة إلى أن هذا ديدن لهم لا ينفكون عنه. ولما صح بعد ذلك إيمان، لم يعبر بالأفواه دأبه، في المنافقين، بل قال: ﴿بألسنتهم﴾ أي في الشغل والاستغفار، وأكد ما أفهمه ذكر اللسان من أنه قول ظاهري نفياً للكلام الحقيقي الذي هو النفسي بكل اعتبار بقوله: ﴿ما ليس في قلوبهم﴾ لأنهم لم يكن شغل ولا كانت لهم نية في سؤال الاستغفار.
ولما كان فعلهم هذا من تخلفهم واعتلالهم وسؤالهم الاستغفار ظناً منهم أنهم يدفعون عن أنفسهم بذلك المكروه ويحصلون لها المحبوب وكان كأنه قيل: قد علم كذبهم، فماذا يقال لهم؟ استأنف سبحانه الجواب بقوله: ﴿قل﴾ أي لهؤلاء الأغبياء واعظاً لهم مسبباً عن مخادعتهم لمن لا يخفى عليه خافية إشارة إلى أن العاقل يقبح عليه أن يقدم على ما هو بحيث تخشى عاقبته: ﴿فمن يملك لكم﴾ أيها المخادعون ﴿من الله﴾ أي الملك الذي لا أمر لأحد معه لأنه لا كفوء له ﴿شيئاً﴾ يمنعكم منه ﴿إن أراد بكم﴾ أي خاصة ﴿ضراً﴾ أي نوعاً من أنواع الضرر عظيماً أو حقيراً، فأهلك الأموال والأهلين وأنتم محتاطون في حفظهما


الصفحة التالية
Icon