ولما كانت مخالفة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن يقوم مقامه لا تكون إلا من منازعة في الفطرة الأولى ومعالجة لها، عبر بالتفعل فقال: ﴿وإن تتولوا﴾ عن قبول دعوته عصياناً ﴿كما توليتم﴾ أي عالجتم أنفسكم وكلفتموها التولي بالتخلف عن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿من قبل﴾ أي بعض الأزمان التي تقدمت على هذا الدعاء، وذلك في الحديبية ﴿يعذبكم﴾ أي يخالطكم بعقوبة تزيل العذوبة في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما ﴿عذاباً أليماً *﴾ لأجل تكرر ذلك منكم.
ولما توعد المتخلفين بتخلفهم عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم توعدهم في التقاعد عن هذا الإمام القائم بعده بالحق، وكان أهل الأعذار لا يتيسر لهم ما أريد بهذا الدعاء، وكان الدين مبنياً على الحنيفية السمحة، استأنف قوله تعالى مسكناً لما اشتثاره الوعيد من روعهم: ﴿ليس على الأعمى﴾ أي في تخلفه عن الدعاء إلى الخروج مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو مع غيره من أئمة الدعاء ﴿حرج﴾ أي ميل بثقل الإثم لأجل أن عماه موهن لسعيه وجميع بطشه، ولأجل تأكيد المعنى تسكيناً لما ثار من روع المؤمن كرر النافي والحرج في كل جملة مستقلة تأكيداً لهذا الأمر فقال: ﴿ولا على الأعرج﴾ وإن كان


الصفحة التالية
Icon