الأسباب من الفتح والإسلام ﴿آية﴾ أي علامة هي في غاية الوضوح ﴿للمؤمنين﴾ أي منكم على دخول المسجد الحرام آمنين في العمرة ثم في الفتح ومنكم ومن غيركم من الراسخين في الإيمان إلى يوم القيامة على جميع ما يخبر الله به على ما وقع التدريب عليه في هذا التدبير الذي دبره لكم من أنه لطيف يوصل إلى الأشياء العظيمة بأضداد أسبابها فيما يرى الناس فلا يرتاع مؤمن لكثرة المخالفين وقوة المنابذين أبداً، فإن سبب كون الله مع العبد هو الاتباع بالإحسان الذي عماده الرسوخ في الإيمان الذي علق الحكم به، فحيث ما وجد عليه وجد المعلق وهو النصر بأسباب جلية أو خفية ﴿ويهديكم﴾ في نحو هذا الأمر الذي دهمكم فأزعجكم بالثبات عند سماع الموعد والوعيد والثقة بمضمونه لأنه قادر حكيم، فهو لا يخلف الميعاد بأن يهديكم ﴿صراطاً مستقيماً﴾ أي طريقاً واسعاً واضحاً موصلاً إلى الكرامة من غير شك، وهذا من أعلام النبوة فإنه لم يزغ أحد من المخاطبين بهذه الآية وهم أهل الحديبية وكأنه والله أعلم لذلك لم يقل: ويهديهم - بالغيب على ما اقتضاه السياق لئلا يغم غيرهم ممن يظهر صدقه في الإيمان ثم يزيغ، ولذا أكثر تفاصيل هذه السورة من أعلام النبوة، فإنه وقع الإخبار به قبل وقوعه.
ولما سرهم سبحانه بما بشرهم به من كون القضية فتحاً


الصفحة التالية
Icon