عن أنس رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «إني لأبغض الرجل وأكرهه إذا رأيت بين عينيه أثر السجود».
ولما أتم وصفهم بهذا الأمر الذي لا يقدر عليه أحد إلا من صفاه الله من جميع حظوظه وشهواته، أشار إلى علوه فقال: ﴿ذلك﴾ أي هذا الوصف العالي جداً البديع المثال البعيد المنال ﴿مثلهم في التوراة﴾ فإنه قال فيها: أتانا ربنا من سببنا وشرق لنا من جبل ساعير، وظهر لنا من جبل فاران، معه ربوات الأطهار على يمينه، أعطاهم وحببهم إلى الشعوب وبارك على جميع أطهاره وهم يتبعون آثارك. فظهوره من فاران صريح في نبوة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه لم يأت منها - وهي جبال مكة باتفاقهم - بعد نزول التوراة بالنبوة غيره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وربوات الأطهار إشارة إلى كثرة أمته، وأنهم في الطهارة كالملائكة، وأيد ذلك جعلهم من أهل اليمين، ووصفهم بالتحبيب إلى الشعوب، فكل ذلك دال على ما وصفوا به منا من شهادة الوجود - هذا مع ما وجدته في التوراة بعد تبديلهم لما بدلوا منها وإخفائهم كما قال الله تعالى لكثير، وروى أصحاب فتوح البلاد في فتح بيت المقدس عن كعب الأحبار أن سبب إسلامه أن أباه كان أخبره أنه ذخر


الصفحة التالية
Icon