الأصل الجامع للكل والأس الذي لا يبنى إلا عليه، فقال منادياً للمتسمين بأول أسنان القلوب تنبيهاً على أن سبب نزولها من أفعالهم لا من أفعال أهل الكمال، فهو هفوة تقال، وما كان ينبغي أن يقال، وليشمل الخطاب المعهود للأدنى - ولو مع النفاق - من فوقه من باب الأولى: ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ أي أقروا بالإيمان ﴿لا تقدموا﴾ وحذف المفعول ليعم كل ما يصح تقديمه فيذهب الوهم كل مذهب، ويجوز أن يكون حذفه من قصد إليه أصلاً، بل يكون النهي موجهاً إلى نفس التقدمة أي لا تتلبسوا بهذا الفعل، ويجوز أن يكون من قدم - بالتشديد بمعنى أقدم وتقدم أي شجع نفسه على التقدم، ومنه مقدمة الجيش، وهم متقدموه، وأشار إلى تهجين ما نهوا عنه وتصوير شناعته، وإلى أنهم في القبضة ترهيباً لهم فقال: ﴿بين يدي الله﴾ أي الملك الذي لا يطاق انتقامه.
ولما كان السياق للنهي عن التقديم والتقدم، وكان مقتضى الرسالة إنفاذ الأوامر والنواهي عن الملك من غير أن يكون من المرسل