خصيصة انفردوا بمزية تكريمها وجرت على واضح قوله تعالى ﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف﴾ [آل عمران: ١١٠] إلى آخره، وشهدت لهم بعظيم المنزلة لديه، ناسب هذا طلبهم بتوفية العشب الإيمانية قولاً وعملاً ظاهراً وباطناً على أوضح عمل وأخلص نية، وتنزيههم عما وقع من قبلهم في مخاطبات أنبيائهم كقول بني إسرائيل ﴿يا موسى ادع لنا ربك﴾ [الأعراف: ١٣٤] إلى ما شهد من هذا الضرب بسوء حالهم فقال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله﴾ الآية و ﴿يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول﴾ - إلى قوله - ﴿والله غفور رحيم﴾ فطلبوا بآداب تناسب عليّ إيمانهم وإن اغتفر بعضه لغيرهم من ليس في درجتهم وقد قيل حسنات الأبرار سيئات المقربين فكأن قد قيل لهم: لا تغفلوا ما منح لكم في التوراة والإنجيل، فإنها درجة لم ينلها غيركم من الأمم فقابلوها بتنزيه أعمالكم عن أن يتوهم في ظواهرها أنها صدرت عن عدم اكتراث في الخطاب، أو سوء قصد في الجواب، وطابقوا بين ظواهركم وبواطنكم