الكبراء. ولما شمل هذا كل جهر مخصوص، وهو ما يكون مسقطاً للمزية، قال: ﴿كجهر بعضكم لبعض﴾ أي فإنكم إن لم تفعلوا ذلك لم يظهر فرق بين النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبين غيره. ولما نهى عن ذلك، بين ضرره فقال مبيناً أن من الأعمال ما يحبط ولا يدرى أنه محبط، ليكون العامل كالماشي في طريق خطر لا يزال يتوقى خطره ويديم حذره: ﴿أن﴾ أي النهي لأجل خشية أن ﴿تحبط﴾ أي تفسد فتسقط ﴿أعمالكم﴾ أي التي هي الأعمال بالحقيقة وهي الحسنات كلها ﴿وأنتم لا تشعرون﴾ أي بأنها حبطت، فإن ذلك إذا اجترأ الإنسان عليه استخف به وإذا استخف به واظب عليه، وإذا واظب عليه أوشك أن يستخف بالمخاطب فيكفر وهو لا يشعر.
ولما تقدم سبحانه في الإخلال بشيء من حرمته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونهى عن رفع الصوت والجهر الموصوف، أنتج المخافة عنده على سبيل الإجلال، فبين ما لمن حافظ على ذلك الأدب العظيم، فقال مؤكداً لأن في المنافقين وغيرهم من يكذب بذلك، وتنبيهاً. على أنه لمحبة الله له ورضاه به أهل لأن يؤكد أمره ويواظب على فعله: ﴿إن الذين يغضون﴾ أي يخفضون ويلينون لما وقع عليهم من السكينة من هيبة حضرته، قال الطبري: وأصل الغض الكف في لين ﴿أصواتهم﴾ تخشعاً وتخضعاً


الصفحة التالية
Icon