﴿في كثير من الأمر﴾ أي الذي تريدونه على فعله من أنه يعمل في الحوادث على مقتضى ما يعن لكم وتستصوبونه ليكون فعله معكم فعل المطواع لغيره التابع له، فينقلب حينئذ الحال، ويصير المبتوع تابعاً والمطاع طائعاً ﴿لعنتم﴾ أي لاءمتم وهلكتم، ومن أراد دائماً أن يكون أمر الرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تابعاً لأمره فقد زين له الشيطان الكفران، فأولئك هم الغاوون، وسياق «لو» معلم قطعاً أن التقدير: ولكنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يطيعكم لكراهة لما يشق عليكم لما هو متخلق به من طاعة الله والوقوف عند حدوده والتقيد في جميع الحركات والسكنات بأمره، مع ما له من البصرة في التمييز بين الملبسات والخبرة التامة بالأمور المشتبهات، التي هي سبب هلاك الأغلب لكونها لا يعلمها كثير من الناس، والتقييد بالكثير معلم بأنهم يصيبون وجه الرشاد في كثير من الأمور.
ولما كان التقدير حتماً بما هدى إليه السياق: ولو خالفتموه في الأمور التي لا يطيعكم فيها لعنتم، استدرك عنه قوله: ﴿ولكن الله﴾ أي الملك الأعظم الذي يفعل ما يريد ﴿حبب إليكم الإيمان﴾ فلزمتم طاعته وعشقتم متابعته. ولما كان الإنسان قد يحب شيئاً وهو يعلم فيه عيباً، فيكون جديراً بأن يتزلزل فيه، نفى ذلك بقوله:


الصفحة التالية
Icon