مع تصلب فيه - انتهى. والذي أنتج الرشاد متابعة الحق، فإن الله تكفل لمن تعمد الخير وجاهد نفسه على البر بإصابة الصواب وإحكام المساعي المنافي للندم، ﴿والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين﴾ وقد دل السياق على أنهم كانوا في خبر الوليد صنفين: صنف صدقه وأراد غزوة بني المصطلق وأشار به، وصنف توقف، وأن الصنفين سلموا آخر الأمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهدوا، فالآية من الاحتباك وهي شبيهة به: دلت الشرطية في ﴿لو يطيعكم﴾ على الاستدراكية، والاستدراكية في ﴿ولكن الله﴾ على تقدير الشرطية دلالة ظاهرة.
ولما ذكر التحبيب والتزيين والتكريه وما أنتجه من الرشاد، ذكر علته إعلاماً بأنه تعالى لا يحب عليه شيء حثاً على الشكر فقال: ﴿فضلاً﴾ أي زيادة وتطولاً وامتناناً عظيماً جسيماً ودرجة عالية من الله الملك الأعظم الذي بيده كل شيء ﴿ونعمة﴾ أي وعيشاً حسناً ناعماً وخفضاً ودعة وكرامة.
ولما كان التقدير: فالله منعم بفضل، بيده كل ضر ونفع، عطف عليه قوله: ﴿والله﴾ أي المحيط بصفات الكمال ﴿عليم﴾ أي محيط العلم، فهو يعلم أحوال المؤمنين وما بينهم من التفاضل ﴿حكيم *﴾ بالغ الحكمة، فهو يضع الأشياء في أوفق محالها وأتقنها، فلذلك وضع نعمته من الرسالة