القشيري: ما استضعف أحد أحداً إلا سلط عليه، ولا ينبغي أن تعتبر بظاهر أحوال الناس، فإن في الزوايا خبايا، والحق سبحانه يستر أولياءه في حجاب الظنة، كذا في الخبر
«كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره».
ولما كان إطلاق القوم لمن كان فيه أهلية المقاومة وهم الرجال، قال معبراً ما هو من النسوة بفتح النون أن ترك العمل: ﴿ولا نساء من نساء﴾ ثم علل النهي بقوله: ﴿عسى﴾ أي ينبغي أن يخفن من ﴿أن يكن﴾ المسخور بهن ﴿خيراً منهن﴾ أي الساخرات.
ولما كانت السخرية تتضمن العيب، ولا يصرح فيها، وكان اللمز العيب نفسه، رقي الأمر إليه فقال: ﴿ولا تلمزوا﴾ أي تعيبوا على وجه الخفية ﴿أنفسكم﴾ بأن يعيب بعضكم بعضاً بإشارة أو نحوها، فكيف إذا كان على وجه الظهور، فإنكم في التواصل والتراحم كنفس واحدة، أو يعمل الإنسان ما يعاب به، فيكون قد لمز نفسه أو يلمز غيره فيكون لمزه له سبباً لأن يبحث عن عيوبة فيلمزه فيكون هو الذي لمز نفسه ﴿ولا تنابزوا﴾ أي ينبز بعضكم بعضاً، أي يدعو على وجه التغير والتسفل ﴿بالألقاب﴾ بأن يدعو المرء صاحبه بلقب يسوءه سواء


الصفحة التالية
Icon