أفخر، فكانت الآية السالفة التي ترتبت عليها هذه آمرة بالتقوى كان التقدير: فتتقوا الله في أقاربكم وذوي أرحامكم، فقال مبطلاً للتفاخر بالأنساب معللاً لما أرشد إلى تقديره السياق مؤكداً لأجل ما عندهم من أن الكرم إنما هو بالنسب: ﴿إن أكرمكم﴾ أيها المتفاخرون ﴿عند الله﴾ أي الملك الذي لا أمر لأحد معه ولا كريم إلا من أكرمكم بكرمه ولا كمال لأحد سواه ﴿أتقاكم﴾ فذلك هو الذكر الذي يصح أصله باقتدائه بأبيه آدم عليه السلام فلم يمل إلى الأنوثة وإن كان أدناكم نسباً ولذلك أكده، وهذا معنى قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا» أي علموا بأن كانت لهم ملكة الفقه فعملوا بما عملوا كما قال الحسن رحمه الله: إنما الفقيه العامل بعلمه. وقد تقدم أن هذا هو المراد بقوله تعال: ﴿هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون﴾ [الزمر: ٩] لما دل عليه سياقها وسباقها، والأتقى لا يفتخر على غيره لأنه لا يعتقد أنه أتقى، قال الرازي في اللوامع: أكرم الكرم التقوى، وهو مجمع الفضائل الإنسانية، وألأم اللؤم الفجور، وذلك أن الكرم اسم للأفعال المحمودة، وهذه الأفعال إنما تكون محمودة إذا كانت عن علم، وقصد بها الله، وهذا هو التقوى، فليس التقوى إلا العلم وتحري الأفعال المحمودة - انتهى. وذلك لأن التقوى تثبت الكمالات وتنفي النقائص فيصير


الصفحة التالية
Icon