زالرفعة والعلو، وذلك لا يكون إلا والآتي به كذلك، وهو ملازم لصدقه في جميع ما أتى به، وللقاف وحدها أتم دلالة على ذلك، أولا بمخرجها فإنه من أصل اللسان مما يلي الحلق ويحاذيه من الحنك الأعلى، فإن ذلك إشارة إلى أن مقصود السورة الأصل والعلو، وكل منها دال على الصدق دلالة قوية، فإن الأصل في وضع الخبر الصدق، ودلالته على الكذب وضعية لا عقلية، وهي أيضا محيطة باسمها أو مسماها بالمخارج الثلاث، والإحاطة بالحق لا تكون إلا مع العلو، وهو لا يكون إلا مع الصدق، ولإحاطتها سمي بها الجبل المحيط بالأرض، هذا بمخرجها، وأما صفتها فإنها عظيمة في ذلك فإن لها الجهر والشدة والانفتاح والاستعلاء والقلقة، وكل منها ظاهر الدلالة على ذلك جدا، وأدل ما فيها من المخلوقات على هذا المقصد النخل،
لما انفردت به عما شاركها من النبلات بالإحاطة بالطول وكثرة المنافع، فإنها جامعة للفكه بالقلب ثم الطلع ثم البسر ثم الرطب وبالاقتيات بالتمر وبالخشب والحطب والقطا والخوض النافع للافتراش والليف النافع للحبال، ودون ذلك وأعلاه من الخلال، هذا مع كثرة ملابسة العرب الذين هم أول مدعو بهذا الكتاب الذكر لها ومعرفتهم بخواصهعا، وأدل ما فيها الطول مع أنه ليس لعروقها من الامتداد في الأرض والتمكن ما لغيرها، ومثل ذلك غير كاف في العادة في الإمساك عن السقوط وكثرة الحمل وعظم الإفناء وتناضد الثمر، ولذلك سميت سورة الباسقات لا النخل)


الصفحة التالية
Icon