سماعه وليأخذوا بحظ مما أخذه الخاصة وليكرر على أسماعهم في قراءة الأئمة له في الصلوات المفروضة التي لا مندوحة لهم عنها ما يكون لهم خلفاً مما يعولهم من مضمون سائر السور المطولات، فكان أحق ما افتتح به مفصلهم حرف ق الذي هو وتر الآحاد، والظاهر منها مضمون ما يحتوي عليه مما افتتح بألف لام ميم، وكذلك كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكثر أن يقرأ في خطبة يوم الجمعة إليهم لأنها صلاة جامعة الظاهر بفاتحة المفصل الخاص بهم، وفي مضمونها من معنى القدرة والقهر المحتاج إليه في إقامة أمر العامة ما فيه كفاية، وشفعت بسورة المطهرة فخصوا بما فيه القهر والإنابة، واختصرت سورة نون من مقتضى العلم بما هو محيط بأمر العامة المنتهي إلى غاية الذكر الشامل للعالمين.
ولما كان جميع السور المفتتحة بالحروف المتضمنة للمراتب التسع، العاشر الجامع قواماً وإحاطة في جميع القرآن، ولذلك كانت سورة قاف وسورة ن قواماً خاصاً وإحاطة خاصة بما يخص العامة من القرآن الذين يجمعهم الأرض بما أحاط بظاهرها من صورة جبل قاف، وما أحاط بباطنها من صورة حيوان «نون» الذي تمام أمرهم بما بين مددي إقامتها ولهذا السورة المفتتحة بالحرف ظهر اختصاص القرآن وتميزه عن سائر الكتب لتضمنها الإحاطة التي لا تكون إلا بما للخاتم الجامع، واقترن بها من التفضيل في سورها ما يليق بإحاطتها، ولإحاطة معانيها